الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر, وأشكره تعالى فهو الذي وعد المزيد لمن شكر. عباد الله, اتقوا الله فيما أمر, وانتهوا عمّا نهى عنه وزجر, وأخرجوا حبّ الدنيا من قلوبكم, فانّه اذا استولى أسر, وحافظوا على الطاعات وحضور الجمع والجماعات, واعلموا أن الله أمركم بأمر عميم, بدأ به بنفسه, وثنّى بملائكة قدسه, فقال تعالى ولم يزل قائلا حكيما, تشريفا لقدر نبيّه وتعظيما, وارشادا لنا وتعليما:{ ان الله وملائكته يصلون على النبي, يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما}. اللهم صلّ وسلّم وبارك على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
أمّا بعد
: فيا أيها الاخوة المؤمنون, يطيب لي أن أتحدّث اليكم في خطبتي هذه عن صلاة الجمعة, وما أودع الله فيها من أسراروحقائق.
لقد اختار الله تعالى لأداء فريضة الجمعة يوما من أشرف أيام الزمان وأكرمها عنده, انّه يوم الجمعة الذي جاء في حقه أنه خير يوم طلعت فيه الشمس, وهو سيّد الأيام وأعظمها: فيه خلق آدم, وفيه أهبط الى الأرض, وفيه مات, وفيه ساعة الاجابة, وفيه قيام الساعة, وهو يوم عيد للمسلمين. ومتب الله تلك الفريضة على كلّ مسلم بالغ عاقل الا عبدا مملوكا أو امرأة أو صبيّا أو مريضا أو مسافرا. وشرع الله تعالى لفريضة الجمعة ألاتؤدّى الا في جماعة حتى تتحقق الأهداف السامية والآثار الطيّبة التي تفيض منها في حياة الأمة عندما يشهدها المسلمون في كل اسبوع على صعيد كل مدينة, وكل قرية, وكل حي, وكل تجمّع لهم.
ولقد أوضح الرسول عليه الصلاة والسلام أهميّتها في حياة المسلمين فبيّن أنها ذروة العبادات التي أناط الله تعالى بها أمورا جليلة وآثارا عظيمة وخيرات كثيرة تستقيم بمقتضاها حياة الأمّة المسلمة قتلتقي في فكرها وسلوكها وعواطفها ومعتقداتها في ظل منهج الله تبارك وتعالى.
أيّها الاخوة المؤمنون:
انطلاقا من هذه المكانة العالية التي احتلّتها فريضة الجمعة في دين الله عز وجل حذر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من عاقبة التساهل بها والتخلّف عن أدائها فقال:" من ترك ثلاث جمعات تهاونا من غير عذر طبع الله على قلبه". وأمر المسلم أن يتهيّأ لفريضة الجمعة, فجعل الاستعداد لها من أجل الطاعات وأرقى العبادات, حيث دعا الى الاغتسال لها والتطيّب والتجمّل في الملبس والمظهر حال حضورها, فقال فيما رواه الامام أحمد من حديث كعب بن مالك عن أبي أيّوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول:" من اغتسل يوم الجمعة ومسّ من طيب أهله ان كان عنده, ولبس من أحسن ثيابه, ثم خرج يأتي المسجد, فيركع ان بدا له, ولم يؤذ أحدا, ثم أنصت اذا خرج امامه حتى يصلّي, كانت كفّارة لما بينهما وبين الجمعة الأخرى".
وأعطى توجيهه للمسلم في مضمارها أن يتجرّد تجرّدا كاملا من الدنيا, وينخلع قلبه من شواغل المعاش جواذب الأرض, ليخلو بالله تعالى, وينصرف الى طاعته من أعماقه, عندها لا يفكّر وهو يجلس في خطبة الجمعة الا بما يسمع من ذكر الله تعالى وآياته التي تتلى, وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم التي تروى, وأخبار الأسلاف والصالحين, والأفكار والحكم والمواعظ التي تشحذ الهمّةفي الطاعة, وتترقى به في العبادة, وتزكّي عقله بالمعرفة, وتنير قلبه بالهداية.
أيها الاخوة المؤمنون:
لقد احتلّت فريضة الجمعة في مضمار الدعوة الى الله عز وجلّ منزلة أصبحت فيها عمادا من أهم أعمدة الدين, فهي صوت الاسلام الهادر في آفاق المسلمين الذي يقرع أسماعهم في كل أسبوع بمواعظه البليغة, فيوقظ عقولهم, وينبّه ضمائرهم, ويزكّي نفوسهم, وينير عقولهم, وذلك لما حفلت به هذه الفريضة العظيمة من معان روحيّة غامرة, وتوجيهات تربوية كريمة, وبواعث فكرية رائعة, ومناهج تنظيميّة بديعة تجلّى ذلك في صلاتها, وتجمّع المسلمين في مكان أدائها وفي انصاتهم لخطبة خطيبها.
وكأني بخطبة الجمعة تتجمّع فيها قوة التأثير العظمى بالنسبة لسائر جوانب تلك الفريضة, لأنها لسان الموعظة الاسلامية الصريح والمضمار الذي تتدفّق عبره الأفكار والمفاهيم والتصوّرات والمعتقدات التي تتعلّق بمختلف جوانب حياة المسلم, وتتناول شتّى أطوار عيشه وظروف وجوده, وتناقشها على ضوء المنهج الاسلامي القويم نقاشا تصرف فيه العلاجات المناسبة, وتوضع الحلول الصحيحة والأجوبة الصائبة لجميع قضايا المسلمين التي تجدّ في حياتهم, وتظهر على مسرح وجودهم. في مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والسياسية والدينيّة, وبهذا تكون صلاة الجمعة بخطبتها مؤتمرا دوريا أسبوعيا, يلتقي فيه المسلمون, يعرضون فيه قضاياهم على مائدة الاسلام ليصدروا عنها برأي واحد, وفكر واحد, ونتائج واحدة تنبثق من مشكاة القرآن الكريم وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وكم يحتاج المسلمون اليوم ازاء ما يمرّون به من ظروف قاسية وشدائد ومحن أن يلجو ذلك الحصن المنيع, ثم يصدروا عنه أشدّاء أقوياء مشحوذة عزائمهم أبيّة نفوسهم, متفقة مقاصدهم, متحدة أهدافهم, متألّقة آمالهم, يشكّلون من أنفسهم قوة صامدة, تتحطّم أمام صلابتها مقاصد أعدائهم ونوايا خصومهم. فعندما تذكّرهم منابر الجمعة مأساة المسجد الأقصى وما فعله اليهود الغاصبون من تذبيح وتقتيل للمصلّين في رحابه الطاهرة, يهز هذا التذكير مشاعرهم, ويؤجج بركان الغضب في أعماقهم, فيستحيلون في وجه المستعمر الغاصب والعدو الغادر حمما ثائرة لا تبقي ولا تذر.
وعندما تذكّرهم منابر الجمعة نضال المجاهدين من أبناء فلسطين الذين يتصدّون بحجارة ابائهم لرصاص غدر عدوّهم, فيتساقطون على أرض فلسطين يروون ترابها بدمائهم التي تحكي كل قطرة منها قصّة نضال شعب رفض أبناؤه الذل والهوان والضعف والاستسلام, فيحس المسلمون بواجبهم المقدّس في الوقوف الى جانب اخوانهم في فلسطين وقوفا يترجم التلاحم والتضامن الذي صاغتهم على أساسه رسالة التوحيد, حيث قال تعالى:{ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا, واذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا}.
فتنبّهوا أيها المسلمون الى هذه الحقيقة, وانطلقوا نحو العناية بفريضة الجمعة في همّة قعساء وعزيمة صادقة, تفلحوا, وتنجحوا. {انّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.
أمّا بعد
: فيا أيها الاخوة المؤمنون, يطيب لي أن أتحدّث اليكم في خطبتي هذه عن صلاة الجمعة, وما أودع الله فيها من أسراروحقائق.
لقد اختار الله تعالى لأداء فريضة الجمعة يوما من أشرف أيام الزمان وأكرمها عنده, انّه يوم الجمعة الذي جاء في حقه أنه خير يوم طلعت فيه الشمس, وهو سيّد الأيام وأعظمها: فيه خلق آدم, وفيه أهبط الى الأرض, وفيه مات, وفيه ساعة الاجابة, وفيه قيام الساعة, وهو يوم عيد للمسلمين. ومتب الله تلك الفريضة على كلّ مسلم بالغ عاقل الا عبدا مملوكا أو امرأة أو صبيّا أو مريضا أو مسافرا. وشرع الله تعالى لفريضة الجمعة ألاتؤدّى الا في جماعة حتى تتحقق الأهداف السامية والآثار الطيّبة التي تفيض منها في حياة الأمة عندما يشهدها المسلمون في كل اسبوع على صعيد كل مدينة, وكل قرية, وكل حي, وكل تجمّع لهم.
ولقد أوضح الرسول عليه الصلاة والسلام أهميّتها في حياة المسلمين فبيّن أنها ذروة العبادات التي أناط الله تعالى بها أمورا جليلة وآثارا عظيمة وخيرات كثيرة تستقيم بمقتضاها حياة الأمّة المسلمة قتلتقي في فكرها وسلوكها وعواطفها ومعتقداتها في ظل منهج الله تبارك وتعالى.
أيّها الاخوة المؤمنون:
انطلاقا من هذه المكانة العالية التي احتلّتها فريضة الجمعة في دين الله عز وجل حذر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من عاقبة التساهل بها والتخلّف عن أدائها فقال:" من ترك ثلاث جمعات تهاونا من غير عذر طبع الله على قلبه". وأمر المسلم أن يتهيّأ لفريضة الجمعة, فجعل الاستعداد لها من أجل الطاعات وأرقى العبادات, حيث دعا الى الاغتسال لها والتطيّب والتجمّل في الملبس والمظهر حال حضورها, فقال فيما رواه الامام أحمد من حديث كعب بن مالك عن أبي أيّوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول:" من اغتسل يوم الجمعة ومسّ من طيب أهله ان كان عنده, ولبس من أحسن ثيابه, ثم خرج يأتي المسجد, فيركع ان بدا له, ولم يؤذ أحدا, ثم أنصت اذا خرج امامه حتى يصلّي, كانت كفّارة لما بينهما وبين الجمعة الأخرى".
وأعطى توجيهه للمسلم في مضمارها أن يتجرّد تجرّدا كاملا من الدنيا, وينخلع قلبه من شواغل المعاش جواذب الأرض, ليخلو بالله تعالى, وينصرف الى طاعته من أعماقه, عندها لا يفكّر وهو يجلس في خطبة الجمعة الا بما يسمع من ذكر الله تعالى وآياته التي تتلى, وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم التي تروى, وأخبار الأسلاف والصالحين, والأفكار والحكم والمواعظ التي تشحذ الهمّةفي الطاعة, وتترقى به في العبادة, وتزكّي عقله بالمعرفة, وتنير قلبه بالهداية.
أيها الاخوة المؤمنون:
لقد احتلّت فريضة الجمعة في مضمار الدعوة الى الله عز وجلّ منزلة أصبحت فيها عمادا من أهم أعمدة الدين, فهي صوت الاسلام الهادر في آفاق المسلمين الذي يقرع أسماعهم في كل أسبوع بمواعظه البليغة, فيوقظ عقولهم, وينبّه ضمائرهم, ويزكّي نفوسهم, وينير عقولهم, وذلك لما حفلت به هذه الفريضة العظيمة من معان روحيّة غامرة, وتوجيهات تربوية كريمة, وبواعث فكرية رائعة, ومناهج تنظيميّة بديعة تجلّى ذلك في صلاتها, وتجمّع المسلمين في مكان أدائها وفي انصاتهم لخطبة خطيبها.
وكأني بخطبة الجمعة تتجمّع فيها قوة التأثير العظمى بالنسبة لسائر جوانب تلك الفريضة, لأنها لسان الموعظة الاسلامية الصريح والمضمار الذي تتدفّق عبره الأفكار والمفاهيم والتصوّرات والمعتقدات التي تتعلّق بمختلف جوانب حياة المسلم, وتتناول شتّى أطوار عيشه وظروف وجوده, وتناقشها على ضوء المنهج الاسلامي القويم نقاشا تصرف فيه العلاجات المناسبة, وتوضع الحلول الصحيحة والأجوبة الصائبة لجميع قضايا المسلمين التي تجدّ في حياتهم, وتظهر على مسرح وجودهم. في مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والسياسية والدينيّة, وبهذا تكون صلاة الجمعة بخطبتها مؤتمرا دوريا أسبوعيا, يلتقي فيه المسلمون, يعرضون فيه قضاياهم على مائدة الاسلام ليصدروا عنها برأي واحد, وفكر واحد, ونتائج واحدة تنبثق من مشكاة القرآن الكريم وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وكم يحتاج المسلمون اليوم ازاء ما يمرّون به من ظروف قاسية وشدائد ومحن أن يلجو ذلك الحصن المنيع, ثم يصدروا عنه أشدّاء أقوياء مشحوذة عزائمهم أبيّة نفوسهم, متفقة مقاصدهم, متحدة أهدافهم, متألّقة آمالهم, يشكّلون من أنفسهم قوة صامدة, تتحطّم أمام صلابتها مقاصد أعدائهم ونوايا خصومهم. فعندما تذكّرهم منابر الجمعة مأساة المسجد الأقصى وما فعله اليهود الغاصبون من تذبيح وتقتيل للمصلّين في رحابه الطاهرة, يهز هذا التذكير مشاعرهم, ويؤجج بركان الغضب في أعماقهم, فيستحيلون في وجه المستعمر الغاصب والعدو الغادر حمما ثائرة لا تبقي ولا تذر.
وعندما تذكّرهم منابر الجمعة نضال المجاهدين من أبناء فلسطين الذين يتصدّون بحجارة ابائهم لرصاص غدر عدوّهم, فيتساقطون على أرض فلسطين يروون ترابها بدمائهم التي تحكي كل قطرة منها قصّة نضال شعب رفض أبناؤه الذل والهوان والضعف والاستسلام, فيحس المسلمون بواجبهم المقدّس في الوقوف الى جانب اخوانهم في فلسطين وقوفا يترجم التلاحم والتضامن الذي صاغتهم على أساسه رسالة التوحيد, حيث قال تعالى:{ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا, واذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا}.
فتنبّهوا أيها المسلمون الى هذه الحقيقة, وانطلقوا نحو العناية بفريضة الجمعة في همّة قعساء وعزيمة صادقة, تفلحوا, وتنجحوا. {انّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اكتب هنا